الثلاثاء، 29 مارس 2011

معركة مجانية .. !


نوع جديد من المعارك ظهر مع ظهور الثورات والمظاهرات العربية , هي المعركة المجانية ! لا خسارة ماديه فيها ولا أسلحة ولا عدو أصلا في هذه المعركة , كل يقوم بها السياسي بترجل من وحل أفكاره , ويمتطي المنصة فيطل علينا بوجهه العكر , فيهاجم عدو لا وجود له , فكل ما يقوم به هو تصوير عدوه الأزل بأنه هو سبب في كل ما يحدث من خسائر بشرية واقتصادية , وتوترات سياسية وربما لو بمقدوره باتهامه هو من حرض المدرس في الفيديو المشهور حديثا بسب الطلبة لما قصر في ذلك

فعلى سبيل المثال لو انقلبت الآية وكان متظاهرين  مملكة البحرين هم أقلية شيعية وأكثرية سنية , كان أيضا سيتم اتهام إيران وأنها أجنده خارجية وأيضا سيقول نفس الخطاب لكن تبديل بعض الكلمات , وهنا علي ان أوضح أمر مهم  انا لا استخف في مملكة البحرين ولا في الشيعة ولا في السنة ولا في أي حراك سياسي يحدث في الساحة , الإ ان التكسب المبالغ فيه والهمجي من وراء مشاكل الآخرين أمر يعكر صفاء المجتمع ويزيد شحن التوتر , فمثل هذا السياسي لن يعي سواد ما يقوم به ما دام هناك  أيادي سوداء تصفق له او ترسل رسائل قصيرة للقناة التي يظهر بها !

برأيي علاج هذا السياسي هو يبدأ وينتهي بالمجتمع , على كل من ينبذ هذا السياسي أو ذاك أو ينبذ الفعل او ذاك , استهجان الفعل بطريقة سلمية ( كما ثورة مصر التي أصبحت منهل سياسي اجتماعي) , وأفضل ما يقام به باعتقادي هو حشد انترنتي (وبالأخص فيس بوك ) لنبذ الفعل او ما قال به فلان , وضرورة الالتزام بالمظهر السلمي , الذي يقتضي بمثل هذا الحشد عدم الإساءة لشخص احد مهما بلغ فعله , بل بالعكس تقديم احترامه وتأخير لومه , فلا أرى ضرورة أن يدخل التاريخ ( وايضا صفحات الفيس بوك ) أي شخص لا يرتقي مقامه أكثر من اسم وصوره في أثبات هويته , ليكون هذا الحشد مثمر بظاهرة اجتماعية صحية , كما يجب ان يعي الحشد بأن سيناريو أي حشد يقتضي بوجود فتن أو شتائم أو ماشابه ذلك من اطراف مندسة هدفها تشويه الجميل وقلب الأولويات , فمن يدفع تكلفة هذه المعركة هم افراد المتجمع وبالتالي تكون مجانية لذاك السياسي وتبقى معركة مجانية .. !

الخميس، 24 مارس 2011

وبالوالدين احسانا .. !


في سورة مريم الآية الكريمة تقول { يَازَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى } , نستشف من الآية الكريمة أن يحيى كان بشرى لزكريا , وكذلك البنون هم علاوة على ذلك من زينة للدنيا كما بسورة الكهف الاية الكريمة } المال والبنون زينة الحياة الدنيا{ , فكم هو جميل أن نكون خير البشرى ونعم الزينة , ويتم ذلك من حصول الوالدين على أكثر من ما يتمنون من بر والمعاملة السامية الراقية وإحسان من الأبناء , في البداية كأمر من الله – عز وجل – في بر الوالدين , فنحن علينا أن نتقن هذا البر , فلا مجد في ذلك لأنه أمر سماوي مفروض على الجميع , فلا بد لمجتمع مثقف ومتعلم أن يتميز بره ويكون الأبناء خير سفراء لمنازلهم  بخلاف إطاعة الأوامر اللاهية لمجرد هي أمر, فعندما تندمج تلك المعاملة مع روحانية في حب الوالدين و تكون جميع معاملات الأبناء ليحصلوا على جملة ( رحم الله والديك ) , التالي يكون كل أبن منبع للخير والبشرى كما كان يحيى لزكريا ! , لنفوز بهذا السعي المشكور ونستبشر – أي نحن الأبناء – بجنات تدوم وحور , لنكن قبلات تتوزع ما بين أرجل وأكف وجباه آبائنا وأمهاتنا , و نتعطر بكل قطرة تعب من جبينهم نزلت لتربينا , فقبل فوات الأوان .. ! وقبل ذهاب احدهم إلى جوار الباري - عز وجل – فهجر احدهم حزن ابدًا لن يهاجر من قلب ابن مقصر , ويندم على كل ثانية لم نكن فيها تلك بشرى والزينة سواء عندما يتمعن في القران الكريم أو احد الأشخاص في المجتمع , يتوجب علينا أن نكون هدية لهم كما هم نعمة لنا , فهم منبع الحنان , فهذا الأب يجوع ليشبع الأبناء , وتلك الأم تركت الحياة لراحتهم , فأين المقصرون من هذا ؟ وهل هناك عدل بأن يجازا الوالدين بمعاملة جامدة وأن لم يكن فيها أي إهانة أو سوء لهم ؟! , الأب والأم هما الحاء والباء أي الحب ! , لنكن كما الزهراء – عليها السلام – أم أبيها , ولنحيي المودة في حياتنا كما عيسى بن مريم – عليهما السلام - و إحياءه للطير  , لنكن رحمة لهم  , فقبل فوات الأوان لنعطر خدودهم بقبلاتنا , وقلوبنا براضهم  , مسامعهم ببشرى تزفها أصواتنا لهم , فهم من حسبوا لنا أنفسنا لنكبر , فقليلُ عليهم كل الدهور لتعويض ثانية من ثواني خوفهم أو قلقهم علينا , لنكسر حسرة فقدان احدهم قبل ولادتها , فالفرصة لدينا وبين أيدينا , فما أراه من انشغال بالدنيا ربما يكون هو سبب لهذه الولادة التي نخشاها , كما يروى أن رجلا فقيرا كانت له زوجة وأولاد وأب عجوز, وكانت امرأته تضيق بأبيه, ولا تكف عن إظهار ضجرها من وجوده, حتى قرر الرجل في يوم من الأيام أن يتخلص منه, فقال له: فلنخرج إلى الجبل يا أبتاه لنشم الهواء الطيب. وحمله على كتفه ومضى ميمما – أي الظافر بمطالبه - شطر الجبل, والأب العجوز ساكت لا يقول شيئا, وعندما وصل الرجل إلى حافة من حواف الجبل العالية أنزل والده عن كاهله وقال: ننزل هنا. فقال له الأب بصوت واهن: ليس هذا الموضع, بل إلى الأمام قليلا.. فدهش الرجل. وقال العجوز: نفس الذي تريد فعله بي يا ولدي, فعلته بأبي وأنا شاب مثلك. حملته إلى الجبل وألقيته من فوق حافته التي هناك. إنه يا ولدي لا يغفل ولا ينام وكما تدين تدان , فلأي سبب كان وقبل فوات الأوان لنكون ما يتمناه هم , كما كانوا ما نتمناه نحن .. !

اهداء: الـى الذي ربياني صغيرا أبي العزيز امي الغالية والى كل أب وام

السبت، 5 مارس 2011

كيمياء النقود

هو ذاك عديل الروح هو وقود بعض الناس فيقودهم الى الدرك الاسفل، فالمُرديان بالحياة هما المال والأمل، ومن ينشغل بهما لم يعرف ما المُنجيان وهما العلم والعمل، لذلك انجح الاشخاص في المجتمعات هم من كان وقودهم المنجيين، فكيمياء النقود عندما تتفاعل مع شهوة الإنسان مع غياب المنجيين يجري بدمه هرمون النقود بين كرات الدم البيضاء والحمراء، فهرمون النقود يُسير الإنسان الى تقديسها وتصبح هي الشغل الشاغل له ليفقد لذة العلم والعمل، فممكن ان يكون كسب النقود بطريقة مشروعة لكنها تصبح هم واولوية الإنسان وغاية في حياة لا وسيلة، وتلهيه عن ذكر الله- عز وجل- سواء بالعبادة أم بالعمل الصالح، وذاك الهرمون يخل بميزان النظرة العادلة للمجتمع إلى أن ينكسر ذاك الميزان، فنلاحظ تقسيم الناس الى فئات وطبقات يتوجه التقدير والإجلال لنقود تلك الفئة لا لذواتهم ولو بقي الامر على هذا الحال لكنا في نصف «قضية مجتمعية»، الا أنها تكتمل حين تفقد فئة الاخرى وقارها للسبب ذاته، فكيمياء النقود تجعل بعض الناس يغفلون عن أخطاء من يجلون بسبب وجود النقود الى ان تستفحل اخطاؤهم وتكثر المشاكل في المجتمع، وهذة جريمة مجتمعية، بل وتجعلهم مجرمين في المجتمع، القانون لا يجرم تلك الأفعال الضارة بالمجتمع، فليس هناك عقوبة لاحترام إنسان وضيع، او عدم الاكتراث بالشرعية المجتمعية للسلوك، لكن هناك أعراف وتقاليد التي أيضا تحكمها العدالة التي يميزها الإنسان حتى ولو كان وحيدا في الفيافي لا اجتماع له، لكن تلك طبيعة النفس وهي أمارة بالسوء، تغفل عن عذابها بلحظة فيمتد شريط الآمال والأحلام الوردية التي تسكر الإنسان، فهذا فيروس اجتماعي ينشط بسبب هرمون النقود، فتعسا لتلك المعادلة الكيميائية الشاذة غير الموزونة التي تقلب الباطل حقا، ولكن يزداد كمال المنجيين في وقت ازدياد المرديين سوادهما، كما نور البدر في الليلة الظلماء، فالعلم والعمل يوصلان إلى المال بطريقة شرعية وبلذة أكثر الا ان النظرة للمال تكون دونية وممتزجة بالتواضع وتقدير للذوات لا للحسابات البنكية، فبالمنجيان يتحقق أعمار المجتمعات اعمارا حقيقيا دائما ماديا ومعنويا، حيث المبدأ السليم الذي بٌوصل إلى زينة الحياة «المال» مبدأ راق لا أنانية فيه، يرتقي بالنفوس والبُنيان ، كما أنه ممزوج بحب الخير للجميع والنظر إلى إله العالمين نظرة المحتاج إلى الكريم، فتنطلق المجتمعات لأن بالعلم والعمل يتم التقرب لله- عز وجل- لما فيه من خير للبلاد والعباد، فيا مفني العمر في عصيان خالقه أفق فإنك من خمر المرديين ثمل!
جدير بنا أن نذكر مثالا دارت واجتمعت عليه الأضداد، ليقتطف كل منهم ثماره، فموقف «سفير الحسين» مسلم بن عقيل بن ابي طالب عليه السلام- أجدر بالطرح والتحليل، عندما وقف وحيدًا فريدًا عند منزل امرأة يقال لها طوعة التي اسقته الماء ثم سألته للذهاب فكان رده أن لا عشيرة ولا منزل له في الكوفة فاستضافته في منزلها الآخر بعد علمها انه سفير الحسين وعلمها أيضا انها قد تتعرض للسجن أو للإعدام، ووجود جائزة لمن يسلمه إلى السلطان، فتلك طوعة طاوعتها نفسها «للمنجيين» في سبيل المساعدة لتوصيل رسالة الإمام الحسين عليه السلام، أما من قاتلة بعد ذلك فكان هدفه جائزة السلطان والتقرب والتودد إليه، كان هدفه ذاك العرش والتاج، فالحق والباطل واضحان واثرهما على المجتمع، بين عمل بدايته سقاية العطشان واستضافة الغريب، وبين القتل ولو على حساب الدين الذي هو أساس المجتمع، فالمال يعمي البصيرة، لذلك لا سبيل عن التثقيف الديني للمجتمعات التي ترتقي بعقولها لمرحلة لا يمكن أن توصلها الدراسات الاجتماعية وحدها.